الأحد، 30 مايو 2010

الملصق الجداري وإمكانية تفعيله اجتماعياً ( البصرة أنموذجاً )

ملخص البحث

تعد دراسة ( الملصق الجداري وإمكانية تفعيله اجتماعياً – البصرة إنموذجاً ) دراسة تحليلية لمجمل الملصقات الجدارية التي نفذها ثمانية من فناني البصرة بواقع (12 ) ملصقاً فائزاً من أصل (25 ) ملصقاً ضمن مسابقة نظمتها (جماعة نلتقي للثقافة والفنون ) في 20/7/ 2004 في المحافظة ، ومن ثم عُرضت الملصقات الفائزة في معرض البوستر في بغداد بتاريخ 25/أيلول /2004على قاعة أفكار.
وتتلخص الدراسة في كيفية تفعيل الملصق الجداري مع المجتمع فضلاً عن كيفية تهذيبه للمجتمع وإنعكاساته على مجمل الأمور التي تحيط به ( الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية والإرشادية وغيرها ) . لذا سعت الدراسة إلى تحديد مشكلة البحث والحاجة إليه بوصفها موضوعة لم يتم التطرق لها مع إنها موضوعة متجددة ، كما إن الملصق الجداري يتطور وفقاً لتطور الزمن وتطور المجتمع بكل جوانبه ، ولأنه عمل فني تشكيلي جمالي فهو خاضع لتقنيات واتجاهات مختلفة يفرزها الفنان ، وعلى وفق ذلك يطرح الباحث تساؤلاته في تحديد مشكلة البحث وهي .
1- ماهي ضوابط الملصق الجداري ؟ وماهي مرجعياته التي استقرأها الفنان ؟
2- ماهي الأسس الاجتماعية في التفاعل معه ؟
3- ماهي آلية تفعيله في المجتمع والارتقاء به ؟
وقد تجلت أهمية البحث في إمكانية تفعيل الملصق الجداري إجتماعياً وقابليته في تثقيف المجتمع ، بينما تحدد هدف البحث من الدراسة ذاتها ، كما حدد الباحث حدود بحثه بالمسابقة التي نظمتها جماعة نلتقي للثقافة والفنون في 20/ تموز/2004 وعددها (12) ملصقاً جدارياً ( الباحث هو أحد المشاركين بثلاثة ملصقات فاز منها اثنان ) . وقد حدد الباحث مصطلح الملصق لغة وإصطلاحاً ثم نحت له تعريفاً إجرائياً يتماشى مع الدراسة ، كل هذه الآلية وضعت ضمن الفصل الأول (الإطار العام للبحث ) . أما الفصل الثاني (الإطار النظري ) فقد تضمن مبحثين الأول –مفهوم الملصق وسماته الجمالية ، في حين تطرق في المبحث الثاني للملصق الجداري والمجتمع ، المرجعيات والتأويل . كما تحدد الفصل الثالث بإجراءات البحث وقد اختار الباحث المنهج الوصفي كونه يحقق الهدف وقد اعتمد الباحث أداة الملاحظة ، فنظم استمارة ملاحظة وعرضها على خمسة من الخبراء ( اثنان منهم متخصصون في مناهج البحث والثلاثة الآخرون متخصصون في جماليات الفنون التشكيلية ) أما مجتمع البحث فتألف من (12) ملصقاً جدارياً أنتقى منها الباحث (5) ملصقات تمثل عينة البحث التي تم تحليلها وصفياً.
أما الفصل الرابع فقد خلص الباحث إلى النتائج وناقشها كما يأتي .
1- نفذت الملصقات في أجهزة الحاسوب على برنامج (الفوتوشوبPhotoShop ) وطبعت بقياس 50 سم ×70سم.
2- ظهرت جميع الملصقات أنها تشترك بنظام فيه ثبات من حيث المفردات المستخدمة لأنها تشترك بمرجعية واحدة .
3- سعت الملصقات إلى تعضيد الصور الأيقونية بقصدية كامنة في بنية الصورة الطبيعية .
4- أعتمدت الملصقات إلى بناء جمالي غير أكاديمي بإلغاء معظم عناصر التكوين .
5- بفعل الاستعارات التي استخدمها الفنانون فإن عملية التلقي أزاحت التأكيدات الأخرى كاللون والخط والكتابة من خلال قراءة المفردات وتأويلها .
6- ناقشت الملصقات الجدارية المضامين الإنسانية مما أسست لها تفاعلاً جماهيرياً أغنى عملية التلقي ، وفي الوقت ذاته أغنت المجتمع علماً بما يحيطه .
وتأسيساً على النتائج أستنتج الباحث ما يأتي .
1- تمثل الملصقات الجدارية مفاهيم فكرية متداولة إجتماعياً تحمل تأويلاً فردياً أو جماعياً بوصفها ترجمة لوجدان المجتمع ، لذا يمكن اعتبارها ملصقات جماهيرية التلقي .
2- إن فهم الملصقات إجتماعياً باعتباره تجسيداً للأشكال المرئية يكشف عن رمزيتها وذلك تجلى في سعي الفنان بإنتزاع الأشياء من قيمها المتداولة ليؤولها إلى استعارات شكلية ذات دلالة .
3- إن العمل الفني يفترض قراءة وإستجابة وإضافة ذاتية لمحاولة إكتماله ذهنياً ، لأن العمل الفني ولاسيما الملصق الجداري أكثر إنتشاراً وتفاعلاً مع المجتمع ، لتتأسس إستنتاجات الباحث بإقتراب عملية التلقي من التوجه الرومانتيكي في الفن الذي يؤكد على إن العمل الفني يكتمل بعملية التلقي فيصبح أكثر جاذبية وعمقاً في إمكانية إستنفاذه وتعريفه .
4- تمثل الملصقات الجدارية كغيرها من الأعمال الفنية خطاباً دلالياً مكثفاً يستقرؤه المتلقي كحالة وسط بين المنتج الفني والفنان التشكيلي فتتضح بذلك عملية التفعيل من تداخل هذه القراءة .
كما أفرد الباحث عدد من التوصيات التي تؤهل الدراسة أن تأخذ مكانتها التطبيقية وقد عززها بالمقترحات .

الفصل الأول
الإطار العام للبحث
مشكلة البحث والحاجة إليه
تعد العملية الإبداعية لأي إنجاز فني يفرزه الفنان المبدع ذات تماس مع المحيط ( المتلقي ) بكل تنوعاته الثقافية وتراكمات ذهنيته مابين القبول أو النفور ، الاستحسان أو الرفض ، ولأن الفن إنجاز جمالي يتناغم مع الشعور الإنساني . فهو بالضرورة يتحمل أعباء التربية الذوقية للمجتمع على وفق آليات متعددة كالدراسة الجمالية والتواصل على المشاهدة الفنية الجمالية المختلفة للمنجز التشكيلي أو سماع الموسيقى أو غيرها من قنوات الإبداع الفني .
فالفن هو الرافد الأكثر إرتكازاً لبث الرقي الفني في سلوك الإنسان ومن ثم فهو القادر على طمس مظاهر الانحطاط السلوكي والأخلاقي في المجتمع ، لأن المجتمع على صلة مباشرة مع المنجز الفني ، وتكون المعادلة أكثر مشاركة وتنافذاً في الفنون التشكيلية لأن المتلقي يرى في المنجز اليدوي أكثر إتصالاً معه ، فضلاً عن تقديسه للحرفية في تنفيذ المنجز الفني إلا أن نسبية هذا الافتراض تتباين من منجز إلى آخر ضمن تفرعات التشكيل ، فالتفاعل مع اللوحة الزيتية ليس هو مع العمل النحتي أو الخزفي وإنها تتباين أكثر مع الملصقات الجدارية بوصفها أحد الفنون التشكيلية ( التصميم ) . وإنها بحكم تواجدها على الجدران في الشارع الذي لاتحده مع المجتمع آية حواجز فهي تتعامل مع شرائح المجتمع كافة .
فالملصق يتصل والمتلقي دون جهد أو عناء أو قصد في السعي إلى مشاهدته ،
لذا أفترضت هذه الدراسة آلية تهذيب المجتمع وإلتزامه بضوابط الملصق ( المضمون ) حال مشاهدته ، وما هي آلية تفعيله لدور المجتمع بحكم التنافذ في الطرح والاستقبال التي تستنتجها وتقرها العلوم النفسية وتستقرؤها ضمن آليات التلقي والتأويل .
وفي البصرة حصراً أخذت الملصقات الجدارية المتنوعة المضامين عام 2004 م مجالاً واسعاً ومطرداً في الانتشار لتصبح وسيلة إعلام تعين الفرد في المحافظة من الوقوع على مجمل الأمور السياسية والاقتصادية وغيرها ممن وضعته في الصورة الأشمل تهذيباً وإرشاداً في اتخاذ القرار على ضوء مشاهداته لأنواع الملصقات .
من هنا ارتأى الباحث التطرق إلى موضوعة الملصقات الجدارية في البصرة المنفذة عام 2004 م ( أي بعد انهيار سطوة الدكتاتورية ) وتحديداً الملصقات التي تبنتها جماعة نلتقي للثقافة والفنون وتحليل آليتها في التفاعل مع المجتمع البصري .
لذا سعت الدراسة إلى تحديد مشكلة البحث بوصفها موضوعة لم يتم التطرق إلى دراستها فضلاً عن إنها موضوعة نابضة بالحياة غير مستكينة لأن الملصق الجداري يتطور بتطور المجتمع ، كما إنه عمل فني تشكيلي جمالي خاضع إلى تقنيات واتجاهات الفنان المنفذ .
وعلى ضوء ذلك يطرح الباحث تساؤلاته الآتية في تحديد آلية صيرورة البحث وهي :
1- ماهي ضوابط الملصق الجداري ؟ وماهي مرجعياته التي يلجأ إليها الفنان ؟
2- ماهي الأسس الاجتماعية في التفاعل معه ؟
3- ماهي آلية تفعيله لدور المجتمع والارتقاء به ؟
أهمية البحث :
تكمن أهمية البحث في كشف إمكانية تفعيل المجتمع للملصق الجداري في محافظة البصرة وقابليته في تثقيف المجتمع وإطلاعه على الحيثيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البصرة والعراق الجديد .

أهداف البحث :
يرمي البحث إلى دراسة الملصق الجداري وإمكانية تفعيله إجتماعياً ، دراسة تحليلية .
حدود البحث :
يتحدد البحث بالملصقات الجدارية الفائزة بالمسابقة التي نظمتها جماعة نلتقي للثقافة والفنون في 20/ تموز/ 2004 م في البصرة وعددها (12) ملصقاً جدارياً .
تحديد المصطلحات :
الملصق :
لغــة .
لصق " ل ص ق (لصِق ) به بالكسر ( لصوقاً ) بالضم و ( ألتصق ) به و ( ألصقه ) به غيره "(1)

اصطلاحاً .
الملصق "عبارة عن صورة كبيرة أو إعلان في مكان عام ويراد فه في اللغة الإنكليزية POSTER "( 2 )

الملصق " مطبوع يصمم من أجل أن يفهم من نظرة سريعة . وهو يجمع مؤثرات بصرية مباشرة بوسائل مختصرة . ذات مقدرة على منافسة المحيط المشوش بصرياً ، ولكي يكون كذلك ينبغي أن يحتفظ بالوضوح والتميز ، فالملصق هو تعبير عن فكرة ، بسيط في تكويناته ، مكثف يتضمن عنصراً ذهنياً عميقاً"(3 ) .
الملصق " واحد من الأشكال التعبيرية ، ونشير بذلك إلى الوسائل الفنية المستخدمة التي تزيد من أهميتها دينامية الحياة العصرية بأحداثها المتتابعة في ضوء الثقافة الجمالية المعاصرة بقدر ما يسعى إلى تحقيق التجانس البصري الخالص أو نقل التجربة العينية عن طريق عملية تنظيم للواقع بنفسه أو بتثكيف القدرة على التراكم الجمالي والثقافي من خلال دمجه وتحقيقه لهذه العناصر المشتركة بهدف إستكمال وجوده الحقيقي في رصده لمظاهر حياتنا اليومية بأحداثها المتلاحقة "(4) .

التعريف الإجرائي
الملصق الجداري منجز تشكيلي جمالي يعتمد التصميمية في التنفيذ ضمن ضوابط تفرضها تنوعاته ، في حين يرتقي برمزيته لطرح مضامين يستل منها الشارع مفردات معرفية تبصره بما يحيطه وترشده للتمييز والصواب .


الفصل الثاني
الإطار النظري
المبحث الأول : مفهوم الملصق وسماته الجمالية
إن الإنجاز الفني الذي يفرزه الفنان لابد له من سمات تقويمية تجعل منه مادة قابلة للتأويل والقراءة ، فيمتلك الإنجاز بذلك مفهوماً جمعياً وذاتياً في آن واحد خاضعاً لمرجعية المتلقي وشخصيته وبذلك يفهم الإنجاز ويحدد عبر العديد من تعاريفه المتفق عليها ، كذلك هو الملصق فإنه فهم في قابليته الأشد تماساً لجميع الموضوعات الحياتية المتباينة ، لأن للملصق آلية طرح وإمكانية تأويل وقراءة، منها يمكن للملصق أن يحرك ذهنية المتلقي ويهذبه ويثقفه بمجريات الأحداث التي تحيطه لإتكائه على مرجعية الفنان المنفذ الذي يمتلك ذهنية متحركة تؤهله من قراءة ما يحيطه بتمعن وتكوين رأي
ذاتي للمجريات المحيطة بالمجتمع ، ولأن الفنان يمتلك حرية الطرح ضمن محيط يستقبل هذه الحرية فإنه يمتلك قابلية التأثير على المجتمع كما هي قابلية تأثير المجتمع على الفنان ، ولقد فرضت عملية تصميم الملصق على الفنان آلية تحليلية وتركيبية للعلاقات الشكلية والرموز المرجعية التي يفرضها المضمون باستنادها إلى الخزين الكامن في ذهنية الفنان ليصوغ
منها نظماً فعَلتها المدلولات التي آلت إليها على شكل علامات أيقونية ورمزية وإشارية ، ومن هذه التقسيمات العلامية وضع الفنان آلية خطابه للمجتمع .
إن الملصق إنجاز جمالي له ضوابط تفرضها تنوعاته تبعاً للمضمون الذي يطرحه والقضية التي تحتويها هيكليته التنفيذية ، فالحدث السياسي يفترض آلية تنفيذ تشتمل رموزاً وأشكالاً يقتضيها المضمون السياسي فضلاً عن المفردة الكتابية التي يوائمها الفنان إستكمالاً للمضمون ، كذلك الحدث الاقتصادي والصحي والإرشادي ، إلا أن السمات الجمالية التي ينتظم بها الملصق خاضعة إلى القيم الجمالية للتكوين (الإنشاء) فتنتظم عناصر البناء الجمالي في آلية لاتختلف عنها في العمل التشكيلي الآخر لاسيما الرسم . فالملصق عمل فني تصميمي يرتكز إلى عناصر بنائية منظورة كالخط واللون والشكل والفضاء والمادة مع ارتكازه إلى عناصر بنائية غير مرئية كالتوازن والحركة إلى جانب عنصر السيادة وغيرها. فالملصق يماثل العمل الفني التشكيلي في آلية التنفيذ وإستخدام الأشكال من خلال " توزيع الخطوط والألوان بصورة معينة داخل شكل يتضمن درجة معينة من الانتظام الدقيق من أجل التعبير عن الأفكار جمالياً ووظيفياً " ( 5 ) .
إن الملصق ـ بوصفه عمل فني ينحو حيال الاختزال في الخط واللون فيعتمد على أقل عدد من الألوان لإعتماده على رمزية المضمون التي تهيئ من الملصق قابلية تجعله مشاركاً في إكتمال قيمة الملصق وظيفياً ، وهذا لايعني تفرده بتقنية الإختزال ، بل لجأ معظم الفنانين المجددين إلى هكذا تقنية في أعمالهم الفنية ذات التقنية غير التصميمية . وقد تبوأت الأعمال المكانة العالمية لأن الإختزال نظام ذو قيمة جمالية عالية إلى جانب صعوبة تقنيته في إنجاز العمل الفني مما يميز الفنان المبدع عن غيره ، وقد يلجأ الفنان إلى مشاكسة عناصر التكوين وصولاً إلى الإختزال .

ا لمبحث الثاني : الملصق الجداري والمجتمع . المرجعيات والتأويل
تعد الرسوم الجدارية داخل الكهوف ، المنابع الأولى للرسم المعاصر ، وما يمثله من حالة اتصال مع المحيط ، بفرضه ضغوطات تؤثر في ذهنية الفنان تؤهله من إنتاج أعمال فنية تبث وعياً تميزه عمن سواه ، في حين يبقى الإنتاج الفني حال إكتماله محط تساؤل وتأويل يبثها المتلقي أياً كانت مرجعيته الثقافية . كما تمثل الإبداعات السومرية وخاصة الألواح
النذرية  إحدى الوسائل الإعلانية القديمة التي أبتكرها الإنسان العراقي القديم ( 6 ) ولقد تطورت الفنون المتنوعة تبعاً للتغيرات السلوكية والاجتماعية للإنسان ، فإنتقاله من العيش المنفرد داخل الكهوف إلى العيش الجماعي خارج الكهوف فرض عليه آلية ناسبت حياته الجديدة في السلوك والإحتياجات لأن الفنون تطورت بوصفها أجزاء متكاملة لتطور الإنسان الإجتماعي والثقافي فيذكر هيجل " إن الفنون والآداب ، مثل القوانين والنظم ، ما هي إلا تعبير عن المجتمع ، ومن ثم فهي مرتبطة بسائر عناصر التوسع الإجتماعي " (7 ) كما إن تجانسه مع المجتمعات الأخرى تؤهله من العيش على وفق هذا التجانس ، لأن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يكيَف ما يحيطه لمنفعته ولتسهيل آلية سلوكه لأنه ينحو حيال التكامل في الحياة الاجتماعية التي يغلب عليها طابع المشاركة بوصفه العنصر المكيف الأول "حيث تخضع حياة الفرد لرأي وتقويم المجتمع " (8 ) لذا فإن آلية الرسم أخضعت تقنياً وفكرياً إلى التطوير تبعاً لهذه المحددات ، كما إن إخضاع الرسم لهذه المحددات يعود بالأساس إلى التواشج في نسيج الإنسان السلوكي بوصفه كائناً غير مجزأ ، وإن تنامي بعض مهاراته تعود إلى فرص مؤهلة لها بالتنامي بفعل الحاجة أو بفعل التطور التقني لمعطيات تلك المهارة . هذه المهارات المتنامية للإنسان أفرزت العديد من القيم الجمالية التي أطرت الفنون التشكيلية برمتها ومنها الملصق الجداري الذي يمثل حالة أقرب إنجازاً ومفهوماً لمضمون العرض وما يبتغيه الفنان من طرح فكري لمشاركة المتلقي مع الإنجاز الفني وكيفية التعامل معه ، بمعنى أن الفنان بإستخلاصه الأسس التقنية للملصق الجداري ، لم يكن بمعزل عن الجذور التقنية للرسم الجداري داخل
الكهوف ، إلا أن تقنياته أخذت بالتطور تبعاً لتطور ذهنية الفنان والمتلقي المتراكمة بفعل المتغيرات السلوكية والإجتماعية لهما ، ولكون تقنيات الملصق الجداري أخذت تتسارع بالتجدد فإن التأويلات هي الأخرى أخذت تتسارع وتتباين على وفق هذا التجدد .
إن المجتمع بكل شرائحه لا يتقاطع مع الفن عموماً ، بل إنه أكثر تجاوباً وتقبلاً للملصق الجداري لأنه المحفز لشحذ قابلية المتلقي بما يؤهله لطرح أفكاره على وفق مشاهداته له بدون أية حواجز ، لما للملصق من قابلية ألإنتشار ، وإن عملية التلقي لايمكن تجاوزها لأن الملصق كغيره من الفنون التعبيرية يثير في المجتمع الشعور بالحركة والتواصل الجمالي في رصد البنى الإجتماعية والسلوكية اليومية التي تحفز الذهنية الفكرية والبصرية في إستشراف المستقبل على وفق الثقافة الجمالية والأيدلوجية من خلال التراكم في الثقافة الجمالية ، فالملصق " يستكمل وجوده الحقيقي كشكل مؤثر في رصده لمظاهر حياتنا اليومية بأحداثها المتلاحقة " (10) دون الوقوف عند حدود الدهشة المجردة لما يثيره من نشاط متدفق في الذاكرة ، لاسيما إن آلية العرض ليست بحاجة إلى تحفيز مسبق مثل تحديد المكان والإنارة المنتظمة والتهيئة للافتتاح أو غيرها من مكملات العمل الفني حال عرضه للجمهور ، فإن الملصق الجداري لايكلف سوى اللصق على الجدران مهما كانت ، دون التأكيد على الفراغ ( الفضاء ) والمساحة . هذا من جانب أما الآخر فإن عملية تقبل الجمهور للملصق متأتية من عدم العناء في عملية التلقي ، فالمتلقي وفي أثناء تأديته لبعض أعماله يمكنه مشاهدة الملصقات أينما كانت .
إن مدركات الإنسان ولاسيما الفنان تتنامى بنمو خبراته التجريبية ، وإستعاراته من المحيط تؤطرها تأويلاته وهي ذات مضامين إجتماعية على وفق تجانس المضمون مع الشكل ليشي بدلالات كامنة يستوحي منها البعد الإجتماعي ، فالمضامين الدينية هي حصيلة منتقاة من حياة المجتمع يفعلها الفنان في طرح إنجازات إبداعية تتكئ على القيم المرجعية الدينية وكذلك فإن المضامين الأخرى هي نواتج لحياة المجتمع يرتقي بها الفنان ويهذبها بآلية ينظم من خلالها أفكار المتلقي في كيفية قراءة البرامج التي تحاول المؤسسات طرحها عليه ، وهنا يقف المتلقي بين تأويلات متباينة قد تغفل أو تعجز تلك المؤسسات عن طرحها ، هذا التوافق بين ما تود طرحه مع الإنجاز ( الملصق الجداري ) لأن سمات الملصق الجداري ( العمل الفني ) تمتاز بخصائص إبداعية وجمالية وهما خصائص غير مقننة ومتباينة من ذهنية إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر تفرضه القيم السلوكية والاجتماعية للمجتمع . هنا يتحدد الإبداع بالنسبة للفنان عبر تحفيزه لمنظومات المتلقي الذهنية ، فقد حفز الفنان منظوماته الإبداعية ليؤسس خزينه المتراكم بمرجعياته نظماً تعبيرية وأنساقاً أطرتها دلالاتها فتتمحور
إنجازاته على رموز وتركيبات هي في ذاتها أنساقاً تفاعل معها المتلقي بنوع من الهامشية والإلغاء استطاعت الذهنية والتقنية المبدعة من تفعيل التواصل بما يفضي إلى الغائية المقصودة ، إذ حول الفنان النظم المركونة إلى نظم متحركة تحاور المجتمع ذهنياً . بوصفها نظماً جمالية أحالها الفنان إلى قيم إبداعية يؤطرها انتماؤها للمجتمع لأن " الفن السليم ينبع دائماً من وقائع الحياة الاجتماعية " (11) .
إن الملصق الجداري بوصفه وثيقة حية تجاوز النقل الشفاهي أو المكتوب لما يشوبهما من تدليس أو إضافة أو حذف تفرضها أيديولوجية ما . وتأسيساً على ذلك يمكن استشفاف التواصل مابين الملصق الجداري والمجتمع على إنه يرتكز على مجموعة من القيم الفكرية والجمالية والتي يمكن تلخيصها بما يأتي .
إن الملصق الجداري فرز موضوعي لمعطيات المجتمع تؤطره وتوؤله الذهنية الإبداعية للفنان ، فضلاً عن تأطيره بالتلقي الواعي وتهذيبه للذهنية الراكدة في تبنيه معطيات مرجعية وخامات متناولة . وفضلاً عن ذلك إن آلية التنفيذ ترتكزعلى الآلية التقنية في إنجاز الملصق ، والتي تتنامى تقنياً إستجابةً لمستحدثات العصر ، إذ أن جهاز الحاسوب عبر برمجياته ( الفوتوشوب PhotoShop و كورال درو CorelDraw ) حل محل التقنية اليدوية التي تعد هي الأبدع بالرغم من صعوبتها ، لأن الفن إنجاز يدوي التنفيذ ، بيد أن تقنيات الحاسوب لا تقلل من شأن الملصق الجداري مع صعوبة اشتغال معظم الفنانين على أنظمة البرمجيات مما يؤدي إلى استعانتهم بمشغلي البرمجيات الإلكترونية ذات المساحة الأوسع تجريباً في اللون والخط وميكانيكية توزيع الأشكال وغيرها من مفردات الملصق .

الفصل الثالث
إجراءات البحث

المنهج المستخدم : تبنى الباحث المنهج الوصفي كونه يحقق هدف الدراسة الحالية .
أداة البحث : اعتمد الباحث الملاحظة الميدانية بعد عرض استمارة الملاحظة على الخبراء 
مجتمع البحث : بعد حصر مجتمع البحث في ضوء المسابقة التي نظمتها جماعة نلتقي للثقافة والفنون في 20/تموز/2004 والبالغ عددها (25) ملصقاً جدارياً ، وبعد إعلان نتائج المسابقة تم فرز (12) ملصقاً جدارياً فائزاً لـ (8) فنانين منهم (4) فازوا بملصقين في حين فاز الآخرون بملصق واحد وقد علقت على جدران بنايات مدينة البصرة في الشارع بعد طباعتها .
عينة البحث : أختار الباحث (5) ملصقات بوصفها عينة قصدية تمثل مجتمع البحث ل(4) فنانين وهم
1- جنان محمد احمد ملصقان
2- مناف حسين ملصق واحد
3- حسين شعاع ملصقان
أسباب اختيار العينة :
اختيرت العينات الخمسة للأسباب الآتية
1- تحييد وإستبعاد ملصقي الباحث توخياً للعلمية .
2- تنوع مضامين الملصقات .
3- تنوع آلية إستخدام الأشكال .
4- تنوع البناء الجمالي ( التكوين ) في الملصقات .

تحليل العينات :

عينة (1) العراق الجديد
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذته الفنانة جنان محمد احمد بطريقة اللصق Collage وتمت معالجته في جهاز الحاسوب على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
وقد اعتمدت آلية خطاب الملصق على التوافق مابين الطفولة بوصفها عفوية الرؤية وعفوية الانتماء للوطن ، لذا سعت الفنانة إلى كشف انتماء الطفولة للوطن عبر عفوية الرؤية وقصديتها من خلال التأكيد على زاوية النظر إلى الأعلى
( الشمس المشرقة) وقد أحالتها إلى خارطة العراق مع النص الكتابي الذي خط بنسخ المطابع وقد أستعير من جهاز الحاسوب .
كما اعتمدت هيكلية الملصق إنشائياً وجمالياً إلى الإنشاء المفتوح لتجاوبه مع متطلبات المضمون ، ونظراً لعملية التلصيق فإن الإضاءة التي أصطبغ بها الملصق توحي بالبهجة مع تجاهل الدراسة الأكاديمية للظل والضوء .
إن القراءة المفترضة للملصق وبالرغم من وضوح بنى ومضامين المفردات المستخدمة للمتلقي إلا إن الملصق لايمكن قراءته دون تأمل يتواءم مع المرجعية الثقافية للمتلقي ، وإنها عملية نسبية غير مقننة ، لذا أفترض الفنان البصري انتماءه لمدينته ووطنه مع انتمائه للإنسانية الأعم .
لذا يعد الملصق من المنجزات التي تثير التساؤل والدهشة ، ومنه فإنه سيشير القراءة والتأويل وبالنتيجة يعد ملصقاً غير هامشي يحمل موضوعية فضلاً عن الجمالية التي أرتكز إليها بتوازن الأشكال وإستقرارها .

عينة (2) ابتسموا يا أولادي فالمستقبل لكم
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذته الفنانة جنان محمد احمد بطريقة اللصق Collage وتمت معالجته في جهاز الحاسوب على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
أرتكز خطاب الملصق في معالجة السطح التصويري بأسلوب بسيط تنفيذاً ومضموناً لغرض تفعيل عملية التلقي بسبب التعاطف مابين المجتمع ومفردات الملصق ( الشيخ والأطفال ) وبأسلوب الجمع مابين صورة الشيخ وصور لأطفال مختلفي البيئات .
تتشكل هيكلية الملصق بإبتعادها عن الإنشاء المدروس ( الأكاديمي ) إذ أفترضت الفنانة تهميش عناصر البناء الجمالي الأكاديمية لغاية وظيفية على وفق الاستجابة وتفعيلها والتحفيز على المشاهدة ولغاية مضمونية بإرتكازها على العنوان الذي أعتمدته الفنانة في النص الخطابي وحميميته ، أما الغاية التنفيذية فقد سعت إلى إلصاق صورة الشيخ وتحديدها بحجم أكبر من جميع الصور المحددة بينما وزعت صور الأطفال بأسلوب متناثر عفوي متجاهلة أكاديمية الظل والضوء إلا في إنفراد الصور عن بعضها .
لقد كانت إستعارة الفنانة أيقونية عبر إدخال الصور إلى الحاسوب مما جعلها تغفل حالة التوافق في التنفيذ لاسيما أن برنامج الحاسوب المستخدم بإمكانه تجاوز هذه الحالة بإلغاء حدود كل صورة وبالخصوص صورة الشيخ .
إن عملية تلقي الملصق قد تحظى بحضور وافر لما للملصق من توجه تعبيري تجسدت في الصور ، لذا أعتمدت عملية التلقي على قراءة مباشرة غير قابلة للتأويل لمعرفة المتلقي بمحلية الصور التي مهدت إلى إرتفاع نسبية التلقي .

عينة (3) نحو أمل بالسلام
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذه الفنان مناف حسين بطريقة اللصق Collage وطبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
يتأسس الملصق من خارطة العراق تحيط بها مجموعة من الحمائم البيضاء ، ولمعرفة المتلقي بهذه المفردات وما تعني ، يمكن قراءة الملصق بيسر من دون عناء ولشريحة كبيرة جداً من المجتمع .
وتمثلت هيكلية الملصق البنائية بإعتمادها على مركزية الرؤية بمعنى توجيه النظر إلى المركز (الخارطة ) ثم ينتشر شعاعها إلى المحيط كتصور يرتئيه الفنان أن الحمائم البيضاء علامة رمزية للسلام وأن تطايرهن بهذا الشكل يوحي بإشعاع السلام والأمن من العراق ولاسيما بعد معالجة الإنارة بإشعاعها من المركز .
كذلك يمثل الملصق حالة التواصل بين المجتمع وتأويلات الفنان لإنجازه الفني بمسحته البسيطة والمضمون الأعمق بعد تعضيده بكلمات خطت بنسخ المطابع المستعار من الحاسوب . كما أعتمد الفنان في إنجازه على مفردات أدخلت إلى الحاسوب كالخارطة والطيور التي تركها تسبح في فضاء مفتوح . وربما لو وضعت الخارطة أسفل الملصق ووضعت الطيور في حالة تطاير إلى الأعلى لأصبحت تقنيتها أفضل لأن الحمائم في الأسفل توحي بالتساقط والهوي نحو الأسفل .
إن إستعارة الفنان الرمزية عضدت من تقبل المجتمع للملصق خلال قراءة المفردات وفقاً لخزينه المعرفي لهذه المفردات بوصفها مفردات عراقية (الخارطة ) وإنسانية ( الحمائم ) لذا إرتفعت عملية التفعيل إلى أشدها لدى المجتمع .



عينة (4) أرضنا أرض الخير والعطاء
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذه الفنان حسين شعاع بطريقة اللصق وقد ألغى المبرمج آلية اللصق بإلغاء حدود الأشكال ومن ثم أحالها إلى هذا الشكل وطبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
أعتمد الفنان في خطابه على المباشرة في الطرح من خلال محاكاة الطبيعة عبر مفردات عايشها وتآلف معها صميمياً ( الكوخ والقصب والماء والنخلة ) بوصفها معايشة وقد تآلف المجتمع البصري عليها ، وهو تعبير عن إنتماء الفنان والمجتمع للأرض والوطن بطرح سهل التقبل والقراءة ، لذا أبتعد الفنان عن المنظور السياسي الصرف وأتجه حيال التوجه الإعلاني . كما تشكلت هيكلية التصميم البنائية إلى التكوين العشوائي غير الأكاديمي لعدم إعتماده على العناصر الجمالية للبناء ، فوضع كتلة الكوخ في الأعلى ووضع بقية الأشكال بإسترسال تراتبي تحت الكوخ .مما يوحي أن الملصق أبتعد عن ذهنية الفنان وأتجه حيال آلية تصميم المبرمج .
إن قراءة الملصق لا تحتمل التأويل لأنها قراءة لمفردات معاشة لا تستوجب الترميز ، لذا لايمكن للملصق أن يثقف المجتمع بمفردات يعهدها ويعرفها جيداً في حين يمكن للمجتمع أن يفعل الملصق للسبب ذاته .

عينة (5) البصرة بيت الفكر والتأريخ
ملصق جداري بقياس 50سم×70سم نفذه الفنان حسين شعاع بطريقة اللصق Collage بعد إدخال الأشكال إلى جهاز الحاسوب ،وقد وفق المبرمج نسبياً بتوزيع الأشكال فضلاً عن إلغاء حدود صوره المركبة ،كما طبع بعد معالجته على برنامج ( الفوتوشوب PhotoShop ) .
يقترب خطاب الملصق من خطاب العينة (4) ولاسيما أنهما للفنان ذاته أو المبرمج ذاته إلا إن العينة (5) تعد أكثر نضجاً في الطرح ومن جوانب عدة أهمها إبتعادها عن المحلية الصرفة ( البصرة ) وإرتكازها إلى التاريخ القديم ( المنارة المفصصة) على اعتبار إن التأريخ ملك المجتمع برمته .
أما الجانب الآخر فإن التوزيع الجمالي للأشكال يحمل وعياً جمالياً ليس هو في العينة (4 ).
كما أشترك الملصقان في الجانب الإعلاني على الرغم من إتصال الأخير بالجانب التأريخي والفكري للمجتمع العراقي وقد يؤطر البصرة مدينة فكر وتأريخ. لذا أبتعد الملصق عن القراءة التأويلية من خلال محاكاة الفنان للموجودات التاريخية وللطبيعة ، ولهذا يمكن تفعيل المجتمع للملصقين بنسبية معتدلة كونهما عرضا أشكالاً غير رمزية ومقروءة من دون جهد أو عناء يذكران ، وللسبب ذاته يمكن تحاشي الملصقين أو تهميشهما بسبب الخزين المتراكم لهذه المفردات لدى المجتمع .


الفصل الرابع
النتائج والاستنتاجات
النتائج ومناقشتها
خلص الباحث إلى النتائج الآتية .
1- نفذت جميع الملصقات على أجهزة الحاسوب على برنامج (الفوتوشوبPhotoShop ) وطبعت بقياس واحد 50سم ×70سم.وذلك لمعرفة الفنانين وما ستؤول إليه الملصقات تقنياً لأن التنفيذ الآلي يفضي إلى نتائج جمالية .
2- اعتمدت بعض الملصقات في النص الكتابي على خط نسخ المطابع في حين ظهرت الأخرى بخطوط أخرى وجميعها مستخرج من خطوط جهاز الحاسوب توخياً للدقة والجمالية التي تمتاز بها خطوط الحاسوب . وفي الفقرتين ( 1 ، 2) لايمكن الركون إلى مسألة ابتعاد الملصقات عن الإبداع على أساس أن الفنانين لم يباشروا العمل على برامجيات الحاسوب ولم ينفذوا عملية كتابة الخطوط لأنهم لا يعدون من الخطاطين ن، لذا فإنهم يلجأون إلى آخرين في عملية التنفيذ .
3- تبين أن الملصقات جميعها تشترك بنظام فيه ثبات من حيث المفردات المستخدمة لأنها تشترك بمرجعية واحدة . غنى هذه المرجعية يعد نضوجاً في ذهنية الفنان في حال استعاراته منها .
4- سعت الملصقات إلى تعضيد الصور الأيقونية بقصدية كامنة في بنية الصورة الطبيعية الكامنة في ذهنية الفنان المتقدة وذهنية المتلقي على حد سواء ، سوى أن الفنان يفعلها بما تؤول إليه عملية تفعيل رؤية المتلقي .
5- اعتمدت الملصقات على بناء جمالي غير أكاديمي بإلغاء معظم عناصر التكوين . فالملصق يتجاوز بقدراته التنفيذية بتحفيز تقنية الفنان للملصق فتؤدي إلى الاختزال بوصفه قيمة جمالية تجاوز المألوف .
6- بالرغم من إستخدام أشكال أدخلت إلى الحاسوب إلا أن الاستعارات تباينت مابين الأيقونية والرمزية والإشارية .كتحصيل حاصل لخزين الفنان والمتلقي .



أما ما يخص تفعيل المجتمع للملصق الجداري ، فإن الباحث توصل إلى النتائج التالية .
1- بفعل الاستعارات التي استخدمها الفنانون فإن عملية التلقي أزاحت التأكيدات الأخرى كاللون والخط والكتابة من خلال قراءة المفردات وتأويلها .بوصفها قيماً عرضها الفنان على المتلقي بغية التوافق معها .
2- ناقشت الملصقات الجدارية المضامين الإنسانية مما أسست لها تفاعلاً جماهيرياً أغنى الملصقات ، وفي الوقت ذاته أغنت المجتمع علماً بما يحيطه . لأنها نتيجة متوخاة تفترضها إنسانية الفنان ومشاركته المجتمع همومه . وبوصفه قادراً على قراءة ما يحيطه بصورة أكثر موضوعية ، مما يؤدي إلى مخاطبة المجتمع بأدواته الفكرية والجمالية .
الاستنتاجات
وتأسيساً على النتائج أستنتج الباحث ما يأتي .
1- تمثل الملصقات ألجدارية مفاهيم فكرية متداولة إجتماعياً تحمل تأويلاً فردياً أو جماعياً بوصفها ترجمة لوجدان المجتمع ، لذا يمكن اعتبارها ملصقات جماهيرية التلقي .
2- إن فهم الملصقات إجتماعياً باعتباره تجسيداً للأشكال المرئية يكشف عن رمزيتها وذلك تجلى بسعي الفنان بإنتزاع الأشياء من قيمها المتداولة ليؤولها إلى استعارات شكلية ذات دلالة .
3- إن العمل الفني يفترض قراءة وإستجابة وإضافة ذاتية لمحاولة إكتماله ذهنياً ، لأن العمل الفني لاسيما الملصق الجداري أكثر إنتشاراً وتفاعلاً مع المجتمع ، لتتأسس إستنتاجات الباحث بإقتراب عملية التلقي من التوجه الرومانتيكي في الفن الذي يؤكد على إن العمل الفني يكتمل بعملية التلقي لأن العمل الفني غير المكتمل أكثر جاذبية وعمقاً لعدم إمكانية إستنفاذه وتعريفه .
4- تمثل الملصقات الجدارية كغيرها من الأعمال الفنبة خطاباً دلالياً مكثفاً يستقرؤه المتلقي على إنه حالة وسط بين المنتج الفني والفنان التشكيلي فتتضح بذلك عملية التفعيل من تداخل هذه القراءة .

التوصيات
بالنظر لأهمية النتائج التي خلص لها الباحث يوصي بما يفعَل الملصق إجتماعياً وكما يأتي .
1- إستحداث قسمين تخصصيين للتصميم والطباعة ( الكرافيك ) في كلية الفنون الجميلة وتهيئة الكوادر المتخصصة ، وعدم الإكتفاء بدرس (الكرافيك) الذي لايفي بالغرض المنشود لعدم وجود المتخصص منذ تأسيس الكلية في جامعة
البصرة . مع حث الطلبة على الإنضمام إلى هذا القسم لما يحمل من مضامين جمالية في التنفيذ والعرض قد تفوق الأقسام التشكيلية الأخرى .
2 - تهيئة كوادر متخصصة في تشغيل برامجيات الحاسوب ضمن استحداث قسم التصميم مع توسيع دائرة المعرفة عبر دورات مكثفة وموسعة للعمل على برامجيات التصميم في الحاسوب ..
3- يوصي الباحث بدراسة الأسس الجمالية لتجميل المحافظة وتفعيلها .كما هو معتمد في معظم بلدان العالم ل وبالأخص دول المغرب العربي التي زينت جدران مدنها بالتصميمات والرسوم الجدارية من قبل الفنانين .ولآلية العمل يجب التنسيق بين المحافظة وكلية ومعهد الفنون وجمعية الفنانين التشكيليين في البصرة والإعداد لهذه الدراسة وعدم تهميشها بالاعتماد على مجموعة تدَعي الفن والإبداع .

المقترحات
1- يقترح الباحث أن تكلف لجان متخصصة من المؤسسات الفنية في المحافظة وبالتعاون مع الجهات الإعلامية في المؤسسات الأخرى للمحافظة لوضع ضوابط آلية في عملية تثبيت الملصقات على الجدران في الشارع ، وأن تكون مدروسة ،لا كيفية ، مع توعية الجميع من عدم كتابة الشعارات ولصق الصور الشخصية فضلاً عن تحديد الوسائل
2- الإعلانية ولاسيما أسماء المحلات التجارية بالضوابط ذاتها لما لها من مظاهر ليست جميلة ، كما يستوجب توعية أصحاب الشأن جمالياً في تثبيت الملصقات في أماكن مناسبة بالنسبة للضوء والفضاء وغيرها .
3- يقترح الباحث باستكمال دراسة الجوانب الأخرى في التصميم الجداري كل حسب فهمه .





الملاحق
ملحق 1
جماعة نلتقي : مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني تمتلك شخصية مستقلة وتسعى لبناء ثقافة وطنية ديمقراطية حرة لا ترتبط بأي أيديولوجية أو صيغة مؤسساتية .
تأسست بعد أن اتفق مؤسسوها على أن تكون مصدر اللقاء لفناني وأدباء ومثقفي البصرة .. لكي يعبروا في هذا الزمن الرمادي عن أملهم المنشود في الحرية . وقد أسهمت هذه الجماعة من خلال نشاطاتها في إبراز أهمية المجتمع المدني في بناء العراق الجديد ومن نشاطاتها إقامة معرض البوستر السياسي في20 تموز 2004 على قاعة فندق المربد في البصرة لنشر الوعي الاجتماعي بين أبناء المجتمع من خلال حملة لصق البوسترات التي تتحدث مواضيعها عن الإنسان العراقي الجديد . إذ عرض (25 ) ملصقاً في مسابقة فازت منها (12) ملصقاً ل (8) فنانين من البصرة. وأعيد عرض البوسترات الفائزة ال (12) في 25 ايلول 2004 على قاعة افكار في بغداد.




ملحق 2

الأستاذ الفاضل المحترم
يروم الباحث بناء أداة بحثه الموسوم ( الملصق الجداري وإمكان تفعيله إجتماعياً- البصرة أنموذجاً – دراسة تحليلية ) وهي استمارة ملاحظة ميدانية ، وةد تم تثبيت بعض البنود للأداة حيث ارتأينا أن نعرض عليكم هذه الأداة لما نعهدكم فيه من خبرة علمية ، فضلاً عن كونكم أكثر المعنيين إتصالاً وإهتماماً بهذه العملية ولما تتصفون به من تعاون في المجالات التي تعود بالفائدة العلمية .
لذا يضع الباحث هذه الأداة أمامكم ونرجو أن يكون تعاونكم معنا خدمة للبحث العلمي .


المدرس
أزهر داخل محسن

إستمارة ملاحظة
يروم الباحث تقصي الجوانب الجمالية والتقنية ( فيما يخص آلية التنفيذ ) والجانب الإجتماعي (فيما يخص عملية التلقي) على وفق ما يأتي :
أولاً : آلية التنفيذ يصلح لا يصلح الملاحظات
أ‌- الجانب الجمالي
* العناصر الجمالية للتكوين
الإنشاء
1- مغلق
2- مفتوح
3- مركزي
4- أخرى تذكر
الخط واللون والظل والضوء والتوازن والفضاء
1- دراسة أكاديمية
2- عشوائية
3- أخرى تذكر
* الكتابة
1- الخط حسب القاعدة
2- خط نسخ المطابع
3- غير خاضع لقاعدة
ب – الجانب التقني
1- استخدام مفردة الحاسوب
2- استخدام مفردة خارجية
3- تحوير المفردة
4- استعارة العلامة
ثانياً : عميلة التلقي
أ – اعتمد المتلقي على
1- محاكاة المفردة
2- تأويل المفردة
3- تهميش المفردة
4- التأكيد على اللون
5- التأكيد على الكتابة
6- التأكيد على الكتابة واللون
ب‌- الجانب الإجتماعي . تعامل المجتمع مع الملصقات على وفق ما يأتي
1- محلية صرفة
2- عراقية صرفة
3- إنسانية
4- سياسية
5- تاريخية
6- غيرها تذكر
ج - نسبية عملية التلقي




المصادر

1- محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي. مختار الصحاح.رتبه محمود خاطر .دار التراث العربي للطباعة والنشر. القاهرة.السنة بلا .ص 597 .
2 OXFORD word power. University press. P (571). –
3 - ضياء العزاوي . فن الملصقات في العراق .وزارة الإعلام . السلسلة الفنية (26) . مطبعة الأديب .بغداد 1974 ص 11.
4- محمد تعبان .قوة الملصق. مجلة الرواق العدد/6 تموز 1979 .مؤسسة رمزي للطباعة .دائرة الفنون التشكيلية .بغداد ص 24 .
5 -د. أياد حسين عبدالله الحسيني . التكوين الفني للخط العربي وفق أسس التصميم . دار الشوؤن الثقافية العامة . مطابع دار الشوؤن الثقافي . بغداد .2002 .ص11.
6 - د. زهير صاحب .الفنون السومرية . إيكال للطباعة والنشر . بغداد 2004 ص 141 .
7 - توماس مونرو . التطور في الفنون ج 1 .ترجمة محمد علي أبو درة ،لويس اسكندر جرجس ،عبدالعزيز توفيق جاويد . راجعه ، أحمد نجيب هاشم . الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر 1971 ص 129.
8 - د. زهير صاحب .الفنون السومرية. ص 51.
9 - د .ثروت عكاشة الفن العراقي القديم .سومر وبابل وآشور . المؤسسة العربية للدراسات والنشر . مطبعة فينيقيا . بيروت السنة بلا ص 158-160.
10 - محمد تعبان .قوة الملصق. ص 24 .
11 - توماس مونرو. التطور في الفنون ج 1.ص 241.
12 - دليل جماعة نلتقي .

2006

نشر في مجلة دراسات البصرة 2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق